ولد توما الأكويني في حوالي العام 1225م في إيطاليا من عائلة نبيلة، وانضم إلى رهبنة الدومينيكان في سنّ الثامنة عشرة، رغم معارضة أهله. وتوفي في العام 1274، وهو في طريقه إلى مجمع ليون الثاني. وقد أعلنته الكنيسة الكاثوليكية قديسًا عام 1323، ومعلّمًا نموذجيًّا عام 1567.
يُعدّ توما الأكويني، الذي يُحتفل بعيده في 28 كانون الثاني من كل عام، مؤسِّس المدرسة الأكوينية، وأحد أعظم الفلاسفة واللاهوتيين في التاريخ. جمع بين الفلسفة اليونانية، وبخاصة أعمال أرسطو وأفكاره، والعقيدة الكاثوليكية. تكرّمه الكنيسة بصفته قديسًا ومعلّمًا نموذجيًّا لمن يدرسون اللاهوت، ويُطلَق عليه لقب ملفان الكنيسة العالمية.
ألّف أعمالًا فلسفية ولاهوتية عدة، أبرزها «الخلاصة اللاهوتية»، التي تُعدّ موسوعة للفلسفة واللاهوت. تناول فيها موضوعات مختلفة، مثل وجود الله، والخلق، والإنسان، والمسيح، والنعمة، والأخلاق، والأسرار المقدسة. وهي تعتمد على المنطق والفلسفة الأرسطية والنصوص الكتابية والتقاليد الكنسية.
أبصر توما النور في إيطاليا في الربع الأوّل من القرن الثالث عشر. بدأ دراسته في الخامسة من عمره في دير مونت كاسين الشهير للرهبان البنديكتيين، والتحق بعد تسع سنوات بجامعة نابولي لمتابعة دراسته. وكان البحث عن سرّ الله يحتلّ المساحة الأوسع من تفكيره منذ حداثته.
انضمّ توما إلى الرهبانيّة الدومينيكيّة عام 1244، على الرغم من معارضة عائلته الشديدة له. وبعدها تابع دراسته في كولونيا على يد القديس ألبرتوس الكبير. كما اشتهر بضخامة جسمه وكلامه القليل وتفكيره المستمر، فظنّ أصدقاؤه أنّه غليظ العقل، حتى دعوه «الثور الأبكم»
فقال لهم أساتذتهم القديس البرتس الكبير: «إنّ هذا الذي تدعونه ثورًا، ستسمع خواره الدنيا». بعدما أنهى توما دراسته، درَّس في جامعة باريس، وأصبح مديرًا للمدارس الدومينيكية في روما وفي تربو.
أدَّى فكر توما العميق إلى تطوير الدراسات اللاهوتيّة والفلسفيّة، فكانت لأعماله بصمتها الخالدة في اللاهوت المسيحي، وبخاصّة في الكنيسة الكاثوليكيّة. وعلى الرغم من عبقريّته العلميّة وبلوغه أسمى المراتب، ظلّ متواضعًا، ولا يبدأ أيّ عمل قبل الصلاة، قائلًا: «إنّني أحرزت بالصلاة من العلم أكثر ممّا أتممته بالدرس.»
رقد بعطر القداسة في النصف الثاني من القرن الثالث عشر. وقد صنع الربّ يسوع على يده معجزات عظيمة. أعلنه البابا لاون الثالث عشر شفيعًا للمدارس الكاثوليكيّة، ولُقِّبَ بـ«المعلّم الملائكي وشمس المدارس.»