نشأة الرّهبانية وروحانيتها
نشأت الرهبانيّة في عام 1877، بمساعدة ورعاية الإباء الدومنيكان لبعض الفتيات الصّالحات المُتعلّمات والمُنتميات إلى الرَّهبانية المُدعوة الثالثة آنذاك، ومن بينهنَّ السّوسنات الثلاث اللواتي يُعتبرنَ “المؤسّسات” وهُنّ: سوسن سمحيري وسوسن ججي وسوسن كاكا، تلبيةً لحاجة الكنيسة في العراق، إذ كان تعليم المرأة مهملاً وخاصّةً في القُرى.
تَميّزت الرهبانية منذُ انطلاقها بالانفتاح على الكنائس الَمحليّة، فساهمت في الحياة الراعويّة وتَبنّت الطقس والحياة الليتورجيّة للمُحيط الذي تتواجد فيه، وبذلك شَهدَت وتشهد للتعددية والوحدة في كنيسة المسيح.
في 7 آذار 1927، انتمت رسميّاً إلى الرهبانية الدومنيكيّة العالمية، وكانت روحانيتها منذ نشأتها قد انطبعت بروحانّية القديس عبد الأحد، التي تَتَجلّى في أركان أساسية أربعة وهي: الصلاة (التأمل)، الدرس (التثقيف)، الحياة الرسولية، والحياة المشتركة.
إن التعمُّق في روحانيّة الرّهبانيّة يَجعل الأخوات في حيويّة إنجيلية وعيش ٍ مُنفتِح. مُعزّزاتٍ كرامة المرأة ودورها في حياة الكنيسة والمجتمع المُتعدّد الأديان والقوميّات.
رهبانية الأخوات الدومنيكيات للقديسة كاترينة السّيانيّة – العراق

نبذة عن تاريخ الرُّهبانيّة
أحست الفتيات العراقيات اللواتي عملن كمُساعدات لراهبات التقدمة الفرنسيات برغبة عميقة في تكريس ذواتهن لله وإلى عيش حياة رهبانية. في عام 1877، واستجابةً لهذه الرغبة، دعا الأب برنارد كورماشتيك الدومنيكي والذي كان رئيساً للرسالة الدومنيكية في ما بين النهرين، هؤلاء الشابات لتكوين جماعة دومنيكية علمانية في الموصل. فكانت النواة والخطوة الأولى المُمهّدة لتأسيس رهبانيّة الأخوات الدومنيكيات للقديسة كاترينة السيانية. هذه الجماعة الجديدة كانت متكونة من اللواتي أبرزنَ نذورهنَّ لمرشديهن الدومنكيين، وكن يرتدين ثوباً اسوداً يشبه ثوب المترمّلات السائد في البلد آنذاك. وعرفن ب ” الكاترينات ” نسبة إلى شفيعتهن القديسة كاترينة السيانية.
خلال العقود الأربعة الأولى من حياة الجماعة الرهبانيّة، بدأت الأخوات الكاترينات بتوسيع رسالتهن في الموصل والقرى وبلدات أخرى. هذه المناطق كانت جزء من الامبراطورية العثمانية. كان للحرب العالمية الأولى أثراً مُدمرّا على الكاترينات والأقليات المسيحية التي خدمنها. أعلن الأتراك والعصابات التركية والفارسية لذبح آلاف لا تُحصى من الأقليات المسيحية في الأراضي العثمانية. واستُهدِفت النساء والفتيات المسيحيات للاغتصاب والخطف.
بحلول عام 1915، عمَّ العنف بلدة جزيرة أبن عمر (تركيا حاليا)، وبدأت الهجمات العنيفة ضد المسيحيين، حجز الجنود الأتراك كل الاساقفة والكهنة اولاً وقتلوهم، وقتلوا كل الرجال المسيحيين، اما النساء والأطفال وكبار السن ومعهم الأخوات الكاترينات فقد كان الأمر يقضي بترحيلهم إلى الموصل، وسارت القافلة المسمّاة “قافلة الموت” وهي تضمّ أكثر من 600 شخص، وخلال مسيرة الموت هذه تعرضت الأخوات الكاترينات للاضطهاد والتشتت، واستشهد منهن سبعُ راهبات في مناطق جنوب تركيا. وتعرض غيرهن للتعذيب وعاد البعض إلى بيوتهن. وهناك أربع من الأخوات المُعترفات اللواتي نَجونَ من الموت في القافلة المشؤومة وحافظن على إيمانهن المسيحي رغم العذابات التي كابدنَها ولا يمكن تصورها.